كيف صنعت أنغام موسيقى السكان الأصليين في كندا الموسيقى الحديثة

كان وما زال أكثر ما يميز كندا عن غيرها من الدول هو فن الصوتيات لديها، فهي البلد السادس في العالم بصناعة الموسيقى، وكان لموسيقى السكان الأصليين دور كبير في صناعة موسيقى كندا، فالموسيقى الكندية تنبض بروح التاريخ والثقافة والتقاليد.

وسنتعرف في هذه المقالة على الموسيقى الكندية وكيف تركت كل حضارة لمستها الخاصة في هذه الموسيقى.

بداية ما هي الموسيقى الكندية؟ هي مزيج متناغم من الألوان والنغمات التي تعكس التنوع الثقافي والعرقي في كندا، حيث تجمع بين التراث الشعبي التقليدي، والتأثيرات العالمية، والإبداعات المعاصرة. تشمل أنواعها الموسيقى الفولكلورية، والكلاسيكية، والروك والبوب، إلى جانب موسيقى السكان الأصليين والموسيقى الإلكترونية.

قد أبدع السكان الأصليون من الإنويت، والأوجيبوي، والميتي، والهايدا بابتكار موسيقى تعبر عنهم وعن ارتباطهم العميق بالطبيعة والكون، وكان الطبل شريان الحياة لموسيقاهم، فكانوا يصنعونها من جلد الحيوانات وأخشاب الأشجار، وكانت ترمز لاتصالهم العميق مع الأرض، وكانوا يعتبرون دقات الطبول كنبض الأرض واستخدموها للاتصال مع الأرواح والتواصل مع العوالم. وتنوعت أحجام طبولهم وأصواتها بتنوع الموسيقى التي يعدونها، وباختلاف الطقوس التي يحيونها، وأبدعوا بصنع الصفارات من العظام وقرون الحيوانات والخشب.

أما عن أغانيهم التقليدية فهي صوت الأجداد وقصصهم التي طواها الزمان، فما زالوا يتغنون بأغانيهم بلغتها الـأصلية في كل احتفال أو طقس ديني، ولكل أغنية من أغانيهم قصة أو أسطورة توارثتها الأجيال على شكل أغنية أو ترنيمة، وما كانت موسيقاهم منفصلة عن رقصاتهم فقد كانوا يعتبرون الرقص وسيلة للتواصل مع الآلهة والطبيعة، ويقال إن الحركات والإيقاعات كانت تجسيداً للقصص والأساطير.

في آخر عقدين شهدت كندا إعادة إحياء للموسيقى التراثية ودمجها بأنواع موسيقية معاصرة مثل البوب والهيب هوب والروك، وأدخلوا أصوات الطبول والأغاني التقليدية إلى ساحات الموسيقى الكبرى في كندا، وكان من هؤلاء الفنانين بوفالو سبرينغ وساندي لافاللي، ليصنعوا نوعًا متميزاً من الموسيقى التي جمعت بين جذور الماضي وحضاراته وبين حداثة الموسيقى في العصر الحالي.

مر على كندا الكثير من الثقافات والحضارات التي تركت طابعًا مميزاً بأنغام الموسيقى الكندية، فمنذ وصول الفرنسيين في القرن السابع عشر كمستوطنين على أراضي كندا أثروا بالموسيقى والألحان، وكان تأثيرهم واضحًا في مقاطعة كيبيك بالتحديد فظهر الفن الفرنسي في كيبيك بالرقصات الشعبية مثل الجيج والكوادريل، والأغاني الفرنسية القديمة مع ألحان الكمان والأكورديون، وكان لبريطانيا وإيرلندا عند وصولهم للأراضي الكندية كمهاجرين في القرن الثامن والتاسع عشر أثر في الموسيقى الكندية خصوصًا الموسيقى الفولكلورية التي أصبحت جزء لا يتجزأ من الموسيقى في المناطق الشرقية مثل نوفا سكوشا ونيوفاوندلاند، وأيضًا انجلترا واسكتلندا كان لهم أثر بالرقصات التقليدية والأغاني الشعبية.

وأخذت كندا إيقاعات الحرية والمقاومة من الأفارقة عندما وصل العبيد الإفريقيين والكاريبيين من أمريكا الشمالية إلى كندا، لتبدأ الموسيقى الكندية رحلتها مع الجاز، البلوز، والريغي، وأما عن الإيقاعات الحيوية فقد دخلت للموسيقى الكندية من خلال السالسا والميرينغي والبوسا نوفا التي أتت مع المهاجرين من أمريكا اللاتينية، وأصبحت هذه الإيقاعات رمز المهرجانات والاحتفالات في المدن الكبرى مثل تورونتو ومونتريال، وفي العقود الأخيرة تأثرت الموسيقى الكندية بالآسيويين فأضافت آسيا ألوانًا جديدة من الألحان والأنغام من خلال الآلات الموسيقية التقليدية مثل السيتار الهندي والبيبا الصيني.

في النهاية كانت وما زالت الموسيقى الكندية مزيج متناغم من الألوان والنغمات التي تجسد تنوع الحضارات والثقافات على الأراضي الكندية.